الجمعة، 25 فبراير 2011

الحُكام لا يعتبرون



" إنه لم يكن عجيبا أن يعبد المصريون ( القدماء )
 فرعون ، ولكن العجيب أن فرعون آمن حقا أنه إله "

نجيب محفوظ ، روائي من مصر ، ثرثرة فوق النيل .




لله درك يا ( تونس )  يا أرض الإرادة ، هاهي ليبيا الحرة تنفض غبار الهوان عنها ، أحفاد ( عمر المختار )  يحطمون قيود الذل ، ويسحقون الظالم ، أجل أن ليبيا فيها الرجال و ( معمر القذافي ) سيرحل هو وعياله قريبا جدا بعزة الله القوي الجبار.

أتراك سمعت يا أبا القاسم الشابي ؟! الشعب العربي يهتف جميعا بـ:

إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد  أن  يستجب  القدر

أظنك فخورا بقومك ، أهل تونس ، أهل الإرادة وشعب الإرادة قد نهض وحطم القيود وقد استجاب القدر يا ( شابيّ ) ، لقد استجاب ، وكيف لا يستجيب أمام إرادة جبارة أنحى لها الكون تقديرا و أجلال ، لله درك يا تونس الإرادة ، ولله درك يا مصر الحرية ، ولله درك يا ليبيا العزة ، ولله درك يا يمن يا منبت العروبة وأصلها ، ولله درك يا جزائر الشهداء .

أن الثورة الليبية هي من أقوى الثورات والتي أظهرت بطولة حقيقة للشعب الليبي ، كيف لا وهم أحفاد عمر المختار ورفاقه ، نذكر عمر المختار ولا نقصد أن نبخس أبطال ليبيا حقهم ، لكن لهذا الرجل مكانة خاصة ليس في قلوب أهل ليبيا الحرة وحدها بل وكل العرب ، أنهم يحبونه وينظرون إليه كما ينظرون لخالد بن الوليد ولصلاح الدين الأيوبي ، أبطال الأمة الذين أصبحوا ببطولتهم وتفانيهم رمزا للشجاعة وحب الوطن والإخلاص للدين والمبدأ والحرية والشجاعة و النزاهة ، الذين بذلك فرضوا الاحترام على عدوهم قبل أبناء أمتهم .


أن ما لفت انتباهي هو توافر العلم الليبي القديم في أيدي أبناء ليبيا ليس في الداخل فحسب بل حتى في الخارج ، الأمر الذي يؤكد بأن الإجماع في ليبيا على أن نظام القذافي لا يمثلهم ، هو أجماع عفوي لكنه صادق ، لأنه ينم عن شعور الانتماء أو اللا انتماء في نفوس أهل ليبيا .

الغريب في هؤلاء الحُكام هو أسلوبهم الممل المترنح بين اتهام الثوار بالعمالة والعمل لأجل أجندة خارجية و تفاهات أخرى ، وكأنهم تركوا للعملاء مكان فيكم الخير والكفاية يا حُكام . والمضحك المبكي فوق كل ذلك هو استخدام السلاح الحي ضد الجماهير المسالمة وكأنهم بذلك يقولون : ( أن كلماتكم يا جماهير شعبنا قوية ) ومن شدة ما أرعبتهم صار يظنونها طلقات كلاشنكوف أو أر بي جي ، فما وجدوا غير الرصاص ليردوا عليهم . ثم يخرج الحاكم بعد أن يقتل جماهيره ـ ويبدو أنه أنتبه أن ما ظنه طلقات نارية ما كانت إلا كلمات حق أصمْت أذنه النتنة ـ فيخرج كالحمل الوديع ليعلن تكوين لجنة تحقق في الأحداث التي جرت ،

تحقق في ماذا ؟

في أوامر أصدرتها بنفسك ؟.

وحتى لو افترضنا جدلا أن أجهزة الأمن تصرفتْ بنفسها فلابد أن يصلك أخبار ما يجري ، فالمفروض أن توقف الأمر ، هذا عدا أنه من المفروض أن تكون الأوامر قد صدرت سلفا بمنع أطلاق النار . لكن لا نملك إلا أن نقول : حبسنا الله ونعم الوكيل .
أي رعونة هي التي يتصف بها هؤلاء ، هم يعترفون بفسادهم وبخيانة أمانتهم في خطاباتهم بشكل ضمني ، وإلا ما معنى أن يقول أحدهم :  سنجري انتخابات نزيهة وحرة ، وسوف نجري تعديلا اقتصادية و سنحقق في الفساد و و و .


أن هؤلاء الحكام يستخدمون نفس المزامير ، وحين لا يعرفون ـ في أول روعتهم من الثورة ـ ما يجيبون تجدهم يفرغون غضبهم في قناة الجزيرة ، كمن يزعجه ذباب مستنقع بجانبه ، فبدل أن يردم المستنقع تجده يلعن الذباب ، وأقصد بالمستنقع هي مفاسد هؤلاء الحكام وأتباعهم .

يمنون علينا بما فعلوه من واجباتهم اتجاه الوطن ، قل لا تمنوا علينا ، أنها واجباتكم و أنتم ملزمون بها ، وأن كنتم لا تقدرون فدعوا مناصبكم لمن يقدر .

 أن أهل ليبيا قوم طيبون قمة في الأخلاق والرزانة والأدب والطيبة ، ودودين إلى أبعد الحدود ، لكنهم مع ذلك لا يرضون بضيم ، أهل عُمان يعرفون جيدا أهل ليبيا ، نعرف ( سليمان باشا الباروني ) كمصلح نهضوي عاش بيننا ، و آثار مدرسته موجود إلي يومنا هذا في مدينة ( سَمَائِل ) العُمانية .

نعرف ( خليفة النامي ) ذلك الرجل العبقري الفذ الذي ما قدره هذا النظام  حق قدره ، فضايقه وحبسه مرارا وتكرارا ثم اختفى في ظروف غامضة رغم أنه أعتزل في الصحراء يأسا من ( القذافي ) ونظامه ، ومع هذا ما سلم من شره ، وكثير كثير . لنا أخوة و أحبة في جبل نفوسه ، و بنغازي ، و طرابلس .


أسأل الله أن ينصرهم  ، ويفرج كربهم ويمدهم بمدد من عنده يزلزل الطاغية وجنوده وأزلامه .

أن هؤلاء الطغاة لن يعتبروا ، فقد تلبسهم شيطان الهوى ، وأعماهم السلطان وجاهه فهم في غيهم يعمهون ، صاروا يتخبطون ، لأن أزلامهم تخلوا عنهم حين حق الحق ، ولأن أسيادهم تخلوا عنهم ، وقد كانوا بآراء أسيادهم يهتدون ، واليوم بعد أن تخلوا عنهم لا هادي لهم ، فطبعي أن تصيب مبارك جلطة وتصيب بن علي جلطة وهلم جر ، لأنهم أدركوا أنهم تمسكوا بقشة لا تقاوم رياح الحق أن هبتْ .

وأخيرا ..

يا أهل ليبيا الأحرار ، لا تتعجبوا من صمت حُكام العرب فهم يخافون أن يصيبهم ما أصاب القذافي وأقرانه في مصر وتونس ، ولا تستغربوا فتور ردت فعل الرأي الرسمي الغربي ، فهم بصمتهم يقولون لباقي الشعب العربي : أنظر ما سيحل بكم أن تمردتم على أعواننا ، ستموتون ، ستدمرون ، ولن يكون أحد لكم عونا . كذلك أن الغرب ينتظر البديل في ليبيا : هل سيكون مثل القذافي الذي حرمهم من ( النفط الليبي ) أم سيكون حملاً وديعا يمنحهم ما يريدون .

أنهم يريدون أن يردعونا بكم ، حتى لا يتم إسقاط  الباقي  في الوطن العربي ، فأنكم ترعبونهم ، وما أتغض هؤلاء الغربيون كما لم يتعظ عبيدهم هنا ، بأن هذا الشعب كالنار ، كلما زدته قدحا زاد اشتعالا . وتوقدا ، كلما أطلقوا الرصاص خرج الناس أكثر و ازدادوا أيمانا بأنهم على حق ، فاتسعت الثورة وعجلوا أكثر بإسقاط الأصنام .

اللهم أنصر أهل ليبيا والجزائر واليمن وكل الأمة نصرا عزيزا ، وحفظهم من كل كيد وشر ، اللهم أنك على كل شيء قدير .


هناك تعليقان (2):

محمد نبيل يقول...

لا أدرى حتى الآن كيف تفكرون يا حكام العرب !
يا ترى .. متى سيتعلم من تبقّى منهم ؟
بارك الله فيك يا أخى على هذا الموضوع

أفلح اليعربي يقول...

الأستاذ الفاضل محمد نبيل

تحية طيبة

أعتذر أولا عن تأخري في الرد وذلك لنشغالي

أخي أقولها بكل صدق أنهم لن يتعلموا حتى من يأتي بعدهم لن يتعلم .
ونحن ـ كشعب ـ لن نتعلم

أما لماذا ؟

فذلك أمر يطول شرحه .

أشكر لك مرورك وتعقيبك

لك جليل تقديري