( إنَّ السعيد لمنْ جُنِّبَ
الفِتنَ )
النبي محمد صلَّ الله عليه وسلم.
المملكة السعودية
تدفع بشبابها للقتال باسم " الجهاد " و تُسهل للأهالي جمع التبرعات للمجاهدين ، هي لا
تفعل هذا لأجل فلسطين بل لــ ( سوريا ) ليس بدافع الدين ـ كما يعتقد العامة ـ ولا
لرفع الظلم عن السوريين ، و لا لأجل ديمقراطية ، و لكن لأن بينها و بين "بشار الأسد " عداوة :
الأولى / بسبب موت رفيق الحريري ، فهي تحمل بشار قتل
الحريري .
و الثانية / بسبب علاقة سوريا الوطيدة بإيران العدو اللدود للسعودية .
عادة ما يتم تبرير
الصراعات السياسية بين أقطاب الحكم في البلد الواحد أو بين بلدين بمبررات ( وطنية أو إنسانية أو دينية )
، بينما في الحقيقة هو مجرد كذب لخداع العامة من الشعب ، والذي غالبا ما
يصدق ما تقوله حكومته . لكن من يتتبع سلوكيات تلك الحكومات بشكل قريب يفهم جيدا
معنى كل موقف من مواقفها ، ويعرف جيدا متى تكذب و متى تصدق في إدعاءاتها .
أنَّ السعودية تُخْطِئ
في ( سوريا ) نفس خطأها في ( أفغانستان ) . هي تخطأ خطأ سبق أن ارتكبته في أفغانستان في
أواخر الثمانينات و جنت منه الإرهاب و تنظيم القاعدة . كل هذا لأنها أرادت إسقاط ( بشار ) ـ
بنفس حماسها لإسقاط ( صدام حسين )
ـ بدون أن تتدخل بشكل رسمي وبدون أي تورط عسكري أو سياسي مباشر ، الأمر
نفسه حدث في ( أفغانستان ) أيام الاحتلال (
السوفيتي ) لها . ولكن ماذا كانت النتيجة
؟
لماذا نكرر ذات الخطأ ؟ .
إسقاط ( بشار )
الدكتاتور الدموي لن ينتج عنه سوريا ( وردية ) بل سينتج عنه ( عراق ) آخر . نفس الأمر الذي حدث للعراق ومازال إلى
يومنا هذا بعد إسقاط صدام حسين . أن التركيبة الاجتماعية و السياسية لـ ( سوريا ) تؤكد
هذا[1] ،
و هو أمر يعرفه الخبراء في هذا الشأن جيدا ، و هم يشهدون على كلامي .
( المعارضة الشريفة )
في سوريا ( ضعيفة ) ، لا تملك الإمكانات
لتصدح بصوتها و لتكون حاضرة في المشهد السياسي بقوة ـ حالها حال المعارضة الشريفة في العراق ـ مقارنة بـ ( الخونة ) الذين لا يختلفون في
فسادهم عن ( بشار ) حتى قبل أن يصلوا إلى السلطة ، بل أن بشار ربما أحسن منهم بأنه
لم يسلم بلاده للأمريكان و اليهود ، أما هؤلاء فحتى قبل أمساكهم بالحكم قاموا
بتسليم كل شيء .
كيف يمكن للشعب أن
يثق في هؤلاء ؟
أتمنى من الساسة في السعودية و عُمان و قطر ، أن ينظروا بعدل في هذه المسألة ، و
ليتركوا تصفية الحسابات السياسة و التي تتم فوق أجساد المستضعفين وعلى دمائهم ،
يكفيهم تشردا و قتلا ، لا تكرروا خطأكم في العراق . كذلك أن تأزم الوضع في ( سوريا
) يعني تأزم الأمن في ( لبنان ) .
بإمكان ( الثقل
السياسي السعودي ) و ( الدبلوماسية العُمانية العالية ) أن تحل معاناة الشعوب العربية وتحتويها في مصر ، و
سوريا ، بل و في اليمن أيضا . و أقولها
بكل ثقة .
يا أهل الحُكم و السياسة ،،
أن حساب الخلق عليكم ، و الله سائلكم عنهم فلا يغرنكم انخداع شعوبكم بخطاباتكم و مبرراتكم التي تسوقونها لتسوِّقوا قراراتكم ، فالله
يعلم ما في صدوركم . فإن استطعتم بمكر
السياسة خداع العامة فإنكم لن تستطيعوا خداع الله .
الكل صار ـ في خضم الظروف الراهنة ـ يبحث عن خائن بين الأفرقة المتناحرة . و الكل
يتهم الآخر أنه خائن ، مازال مقالي ( إلا
خيانة الوطن ) هو الأكثر قراءة منذ أن كتبته في 11 مارس 2011 م ، أغلب
الواصلين إليه كانوا عن طريق (
محركات البحث ) تحت عناوين تدل أنهم يبحثون عن خائن ، أو
مقولات عن الخيانة أو أشعار و ما إلى ذلك ، سبحان الله !! .
يا أخي ،،
لا تبحث عن ( خائن ) بل ابحث عن إصلاح الحال في الوطن ، فالبحث عن
الخائن لتبادل التهم فقط أو من هو المخطئ
لا جدوى منه . لأننا بذلك ندور في حلقة مفرغة.
الحماس الذي ينتاب
البعض في الدول العربية لصرع الحكومة
السورية و إسقاطها يدفعني للتساؤل :
ماذا لو حدث في بلادك نفس ما يحدث في ( سوريا ) الآن
؟ و قامت دولة أخرى بدعم الثوار أو المتمردين ـ أيًّا كان مسماهم ـ و مدهم بالمال
و الشباب للقتال ؟ و قامت هذه الدولة بتأليب المجتمع الدولي عليكم لقصف
بلادكم بنفس حماس حكوماتكم الآن ؟ ماذا سيكون موقفكم ؟
سأجيبك :
سوف تتذمرون وتشتمون هذه الدولة وشعبها ، و
ستقولون نحن لا نحتاج لتدخلكم في بلادنا ، وهذا شأن داخلي يخصنا وحدنا ، وأنتم ليس
لكم دخل فينا .
أليس كذلك ؟؟
هكذا نحن البشر نحكم
دوما بازدواجية معايير و بنظام ( حلال علينا
حرام على غيرنا ) و نسوق المبررات
دائما حسب رغباتنا و مصالحنا . و نبرر
لأنفسنا مالا نبرره لغيرنا ، حتى على مستوى حياتنا العادية البسيطة نفعل هذا .
هذه الدول التي تتحدث
عن سياسات ( بشار ) اليوم هي نفسها تمارس
ما يمارسه ، فقط ما يختلف هو القالب الخارجي لممارساتها فقط . وحين ثارت شعوبها قمعتها ، وغضبت من تدخل
الآخرين في الوضع حينه . خذ مثلا : إيران
، و السعودية . إيران في حين بررت
للشعب ( البحريني) ثورته ضد الحكومة و الملك فإنها استنكرت ثورة الشعب ( السوري )
، بينما السعودية و التي استنكرت ثورة الشعب ( البحريني) تقوم بدعم الثورة (
السورية ) . وهاتان الدولتان ( إيران و السعودية ) حين ثار الشعب داخلها قامت بنفس
ما قامت به كلاًّ من ( سوريا و البحرين )
ضد الشعب المنتفض داخلها . فسبحان الله كيف يحكم البشر ، وكيف يجدون
المبررات لإعطاء شرعية لمواقفهم .
أخيرا ..
أيها القارىء الكريم
لا تجهد نفسك في تصنيفي ، فليس هذا ما أرجوه منك ، أنا لست ( مع ) أو (ضد ) ، أنا مع الوطن مع الحق ما استطعت ، حيثما أبصرته
سعيت له ، و نحوه .
أنا لست ضد دول أو
أشخاص أنا ضد قرارات بعينها و مواقف بعينها ،
الوطن يحتاج الآن أن نبصر الأوضاع بحكمة ، يحتاج
أن نقول الحق و الحكم به ، و أن كان مُـرًّ ، وليس الحكم بالأهواء ، و التعصبات ، و الحماس
الصبياني الذي يثيره فينا هذا الفريق أو ذاك ليحركنا نحو تحقيق مآربه عبر سذاجتنا
.
البعض قد يحكم على
كلامي بأنه تخاذل أو جبن و تثبيط و ما إلى
ذلك ، لكنك لو رأيت الأمور بعيدا عن أهواء التعصبات و الحماس المبالغ فيه و الفلسفات الزائدة لفهمت أني أرى الأمور من زاوية أخرى أوسع من
زاويتك الضيقة ، هدفي بلوغ هدف سامٍ مثلك
لكني لا استسيغ الانطلاق المستقيم الذي لا يراعي ظروف الطريق ، لأنني لا أريد أن
تكون نهاية مسيرتي الارتطام و التحطم ، ولا السقوط في هاوية ، يكفينا تحطم و سقوط . أنا واثق أن معي الكثير من العقلاء يشاركونني رأيي
هذا .
أسأل الله العظيم أن
يعم السلام وطننا العربي و يعمه الأمن و الأمان ، اللهم أنَّا نسألك بالمستضعفين فينا
أن تصلح شأننا كله ، و نبرأ إليك مما يفعل السفهاء باسمك و باسم الوطن من ظلم و
اقتراف مظالم ، أكان جهلا منهم أم عمدا .
ربنا فلا تأخذنا بجور المترفين منَّا ، و لا تأخذنا بما فعل السفهاء منَّا ، اللهم
آمين .
[1] - أيام انتفاضة الشعب
الليبي حذرت من عدة أشياء ومنها عدم السماح لدول أجنبية بالتدخل ، لكن أحدا لم يلتفت لكلامي ، وفعلا حدث ما
توقعته . و كذلك اليمن ، فقد حذرت من
العودة لليمن خطوات واسعة للوراء إلى التفرقة وزيادة حضور القبيلة ـ رغم عدم
غيابها التام في عهد علي عبدالله صالح لكم كان هناك نوع من الاحتواء لها ـ و كذلك مخاوف انفصال الجنوب ، لكنني تعرضت
لانتقادات لاذعة ، وهاهو الحال الذي حذرت منه وقع . يجب أن نحكم على الأمور وفق
معطياتها لا وفق أحلامنا أو تعصباتنا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق