( يا ماخض الماء عدمت الزبد )
حكمة عربية قديمة
أن يخرج ( المجتمع
العُماني ) عن صمته هذا شيء رائع ، وخاصة
أن هذا المجتمع دائما ما كان يعرف الثورة عبر أتباع قائد يتم انتخابه ، ليقود هو
المسيرة والناس معه بالروح والمال ليُفني الظلم في أرض عُمان الطيبة . طبعا بحكم
أن الظالم عادة ما يستخدم السلاح ـ سواء كان ملك ظالم أو استعمار جائر ـ فكان
المجتمع وقائده المنتخب يحمل السلاح أيضا ، وفي النهاية يقضي على الظلم فما قامت
عُمان مشمرة لدرء الظلم إلا ونفضته عنها لتعود لوداعتها و سكونها ثانيةً .
هي أول خروج ـ غير
مسلح ـ لرافضي الظلم والفساد الإداري في
عُمان شهدناه في مسقط ، و صحار ، و صور ، و صلالة ، والبريمي ، وغيره من المناطق ، ووجدنا ردت فعل
جميلة من السلطان ( قابوس ) ، أول سلطان
من ( آل بو سعيد ) تتوحد عُمان تحت لوائه وأول سلطان من آل بو سعيد يكاد يتفق عليه
العُمانيون ، لكنه في سنواته الأخيرة سلَّمَ ( الخيط و المخيط ) ـ كما يقال ـ لوزرائه و أعونه ، والذين صار كل واحد منهم أشد
ثراءً من الأخر وأكثر فلسفة في تقديم الحلول للفقراء من أهل عُمان ، و ليس أخر من
قدم لنا الحل الفريد للغلاء هو رئيس ( غرفة تجارة وصناعة عُمان ) سعادة ( خليل بن
عبدالله الخنجي ) ذلك الثري حتى البشم ، حيث ينصح سعادته الشعب العُماني بـ ( استخدام
ملعقة سكر واحدة في الشاي بدل اثنتين ) وذلك في لقاء متلفز له في شهر رمضان قبل
الماضي ، نصيحة ثمينة حقا تشبه كلمات ( ماري أنطوانيت ) ملكة فرنسا التي قالت للشعب الذي خرج يطالب
بالخبز قالت : ( فليأكل البسكويت ) . يحق لك يا سعادة رئيس غرفة تجارة وصناعة
عُمان .
وبعيدا عن ( الخَنجي )
، أجد أن الإعلام العُماني أذى آذننا وهو يقول ( منَّا ) و ( تفضل ) و ( تكرم ) ، غريبة
! أليس هذا وطننا ؟!
أليست الثروات هي ملك
للشعب ؟!
أليس السلطان و الوزراء
وأعضاء الحكومة هم خدام للشعب ومصالحه ؟!
أليس ذلك واجب
السلطان ، وحق للشعب ؟!
ما نعرفه في المن
والتفضل والتكرم حين تكون من لدن المُعِطي للمُعَطى ، وليس من جيب المعُطَى يتفضل
به المُعِطي . من أرد أن يمن ويتفضل فليعطي من جيبه لا من جيب غيره .
وإلى المحتجين
المعتصمين . نعم نريد الإصلاح ، لكن أتسأل أولئك الذين يطالبون بـ ( دستور تعاقدي
) متجاهلين تماما التكوين المجتمعي لعُمان ، وحقيقة غياب الوعي السياسي الشعبي
العام فيها ،
عن أي دستور تتحدثون
؟
و باسم من تطالبون به
؟
أنتم حتى لم تقبلوا
يوما النقاش الحقيقي البنَّاء عنه ؟ فكيف سأقبل بشخص لا يقبل النقاش العادي ؟ كيف
سيقبل انتقادي لسياساته غدا ؟!
هل شرحتم لعامة الناس
ما تعنونه بالدستور التعاقدي ؟
هل أقمتم دراسات
علمية توضح الكيفية و الماهي التي سيكون عليها ، و الآلية للعمل به ؟
أشخاص معدودين يثيرون
زوبعة لا تعدوا حجم قُطر فنجان ، ليقدموا مطلبا ليس بالهين ، ويقدمونه باسم الشعب
، شعب لم يخولهم ، شعب لا ناقة له في معمعتهم تلك ولا جمل .
أولئك الأشخاص لا
يرقون لمستوى مفكرين سياسيين ولا حتى اقتصاديين ولا اجتماعيين ، فعلى أي أساس قُدم
طرحهم ، كيف أثق في أناس لا يملكون أيديولوجيات واضحة ، ولا أهداف ولا استراتيجيات
. ولسوا أصحاب فكر حقيقي ؟ ، حتى انتقاداتهم للحكومة جاءت من باب ( مشاكل خاصة ) بهم
وليس دعما للوطن ولا من الوطنية الخالصة ( ولا أقصد هنا الانتقاص من أخلاصهم للوطن
) ، ما أعنيه أن الذي حركهم هو ليس فكرهم المتوقد ولا حب الوطن والحزن على وضعه بل
( قضايا شخصية ) و هم معروفين بالاسم ، فكيف لي أن أسلم لأشخاص هذه هي كيفيتهم ؟ .
لا تتحدث عن نفسك
بعلمك بنفسك ، فأنا لا أعرفك ، قدم لي أعمالك وفكرك حتى استطيع أن أخوض معك ولو
نقاش عادي بسيط و أنا مطمئن ، ناهيك عن أن
أسلمك قدري كمواطن .
السياسة ( مثل النار
) أن لم تحسن توجيهها تدمر ، ولا تكتفي
بتدمير نفسها بل تدمر كل ما تطوله .
شخصيا لا أؤمن لا
بدستور تعاقدي ولا بملكية دستورية ، وأعارض ما يحدث من فساد وسوء إدارة لموارد
الدولة وظلم للناس على كافة الأصعدة . ولست من عبدة السلطان ، أن ما أطالب به
كمواطن هو العادلة الاجتماعية والتنمية الحقيقية التي تستهدف الإنسان ، وحق
المواطنة الكامل .
وإلى الذي يتباكون
على بعض الأسماء التي تم إزاحتها من مناصب حسبناها لم تخلق لغيرهم ، على ماذا تبكي
؟
على رجل فاسد ( ولن
أتطرق لحياته الشخصية فذلك شأنه ) عن شخص حوَّلَ موارد الدولة و المال العام ليصبح
سلطانا مع السلطان بأن أنفق من ميزانية الدولة على رفاهه الخاص حتى ظننا أنه هو السلطان الحقيقي لعُمان وليس
قابوس ، ومن فرط هذا سرى بين الناس أنه هو
من سيرث عرش السلطان بعد رحيله لأن العائلة المالكة لن تتفق .
رجل وجه أموال الدولة
ومناصبها لخدمة أبناء قبيلته الواسعة الانتشار ، حتى المجالس العامة ( السبلة )
لقبيلته في مناطق تواجدها تظنها قصرا لا مجرد ( سبلة ) ، ناهيك عن المناصب الرفيعة
في مناصب حساسة حتى يكاد يظن المرء أن الرجل يُعدُّ لانقلاب ، وليس مجرد محسوبية
وفساد إداري ، فأي طيبة بعد هذا تأتي لتتحدث عنها لهذا الشخص ، ماذا تفيدني طيبته
؟! وأنا مواطن مسلوب الحقوق وهذا الرجل يوزع المال العام لقبيلته وأهله وأتباعه
وأصدقائه ومثلها المناصب والعطايا وحفلات الآُنس .
أخيرا ..
من يدعي الديمقراطية
عليه أن يكون نفسه ديمقراطي ، لا تطلب أمرا أنت تفتقده ، ففاقد الشيء لا يحق له أن
يعطيه أبدا .
ولا تتحدث بلسان من لم يخولك ، فأنت لا تملك الحق أن تستغل خروج
الناس للمطالبة بحقوق عامة لتطلب حقا ليس وراءه سوى حب الشهرة والظهور وحب السلطة
.
وتعود أخي أن لا تكون
مجرد ببغاء تردد ما تسمع ، فيقال لها : ديمقراطية . قالت : ديمقراطية . لاهي تعي
ما تقول ولا تفهم مغزاه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق