( قبل الرمي يُرَّاش السهم )
حكمة عربية قديمة
بصدق صرت أشعر بالغضب
، وأيضا بالسأم والضيق من كل هذا النوح والعويل الذي نسمعه هنا وهناك . قبل
الثورات كانت هناك مبررات لبعض ذاك النواح ، وكأن النواح صار طبع يلازمهم ، أو
ربما يظنه البعض وطنية . والآن وقبل أن يبحث المرء عن شيء ينوح لأجله ، عليه أن
يصلح ما فسد .
إلى من يدْعُون إلى انتفاضة
ثالثة في فلسطين ، أسألكم بالله بصدق :
هل هذه هي اللحظة
المناسبة لذلك ؟
في الانتفاضتين احتاجت
( فلسطين ) بشدة للعرب ـ رغم حال العرب
حينها ـ و الآن من سيقف معها ونحن كل دولة ممزقة من داخلها و اضطرابات ، ستكون
أجمل فرصة للصهاينة ليدمروا الفلسطينيين بأكثر مما كانوا يفعلون سابقا . ويتفردون
بذلك بعيدا عن يد العون منا . ولو بأضعف الإيمان .
لا تُغالطوا في
الحقائق أنفسكم . ولا تلقوا بالقوم إلى التهلكة ، ولا يعميكم كراهية الصهاينة
وأعوانهم ، فتدمروهم ثم بعد ذلك تبكون وتنوحون ، وتكتبون الأشعار و تغنون الأغاني
والأناشيد وكأن ذلك سيداوي ما أنكسر .
ولكم في ( نكسة 1967
م ) العبرة أن كنتم تفقهون . أنظروا الفرق
بينها وبين ( حرب أكتوبر 1973 م ) . أقرءوا التاريخ و أبصروا .
أن اندفاع البعض و حماسه
يجعله لا يبصر الحقائق ، الواقع ليس مجرد شعارات حماسية وقصائد اندفاعية ، فأبصروا
ويكفينا دمار و فتن . نريد أن نلتقط أنفاسنا ولو قليلا من كل هذه الهموم والأعباء
.
أنظروا حال ليبيا ،
من نفع أهل ليبيا وهم يواجهون الخوف والذعر والموت .
أليست هناك رحمة ورفق
بالنساء والأطفال ؟
ألا تتصورون الخوف
والذعر والحزن الذي يعيشونه الآن ؟
ألا تفهمون ما معنى
أن يفقد الإنسان الأمن والآمان في وطنه ، وأن لا يجد المرء ملاذا يلوذ به ؟
الحماس أن رافقهُ الاندفاع
يكون مجرد حماقة .
إياكم و الاندفاع فأن
عواقبه وخيمة ، وتكفينا هذه الفوضى ، علينا أن نلملم ما تبعثر ، علينا أن نبصر
أكثر وبعمق ، علينا أنتدبر ونعيد النظر في أمور كثيرة ، حتى في الثورة نفسها .
العاقل من يعرف متى عليه أن يتوقف ، ومتى عليه أن يعيد النظر في مواقفه وأفكاره .
تغيير الأفكار
والمواقف ليس عيبا ، بل هو عين الحكمة ، لأن على العاقل أن يكون حيث يكون الخير و
حيث يكون الصواب ، فإن كان الله قد أعطانا العذر في ذلك عندما يحلف الإنسان يمينا
فيرى غيره خير مما حلف عليه ، و يأمرنا أن نتوجه حيث الخير ونكفر عن يمننا ، فكيف
في الأمور العادية الدنيوية.
دعوا التحريض الذي
على غير هدى ، ودعوا الحماس المفرط الذي يلقي بنا إلى التهلكة ، دعوكم من الفتن
التي ننجر إليها من حيث نعلم ولا نعلم . أنظروا إلى عواقب الأمور أولا . وتدبروا
الأمور .
أبصروا يرحمكم الله و
تعقلوا ، فوالله يكفي ما بنا .
ولا ينزغنكم الشيطان
ويزين لكم الأمور ، فتنساقوا وراءها على غير هدى أو بصيرة . وتذكروا أن هناك رقيب
عتيد . وأن الحياة لم يجعلها الله فوضى ، بل لكل شيء سبب وسبيل ، ولكل أمر عُدٌّة
تُعُّد له قبل الشروع فيه ، لذا كان النبي يوصي ويقول : ( أعقلها وتوكل ) . وما
عَقْلُها إلا الأخذ بالأسباب والنظر في العواقب .
وأخيرا ..
فالقلب يمتلئ غضبا
وحزنا وأسفا حين يرى أنَّ ما كنَّا نرى فيه الخير لم يكن سوى شر خفي ، أعمانا الاندفاع
والحماس فصرنا إلى ما صرنا إليه .
حتى صار البعض يترحم
على الدكتاتور و أيامه ، ويراها جنة . أن كنتم تبحثون عن ثورة ، فلتقودوها
ولتشعلوها ( ولكن ) على أنفسكم أولا ، ( فكما تكونوا يولى عليكم).
هناك 13 تعليقًا:
انها الحكمة ياصديقي
فجموح الثائرين ان ترك لهم الامر
ينقلب الي انتكاسة
فالثائرون يثوروا ويغيروا
والحكماء يقودون
تحيتي لموضوعك الهادف
أخي سواح
تحية طيبة
صدقت ، فالشعب الثائر مثل سيلان الماء أن أجتمع صار جامحا مدمرا مالم يسعى أصحاب العقول لتوجيه مساره .
لكن أين هم هؤلاء أصحاب العقول ؟؟!! ليتهم يسمعون
نتمنى أن ينتهبه الثوار في الوطن لعربي وأن يعودوا لثكناتهم قبل أن لا ينفعهم الندم ويضيع الوطن أكثر من ضياعه الآن .
وأتمنى أن لا تأخذهم العزة فيضحوا بالوطن مقابل غرورهم .
أشكر لك مرورك وتعقيبك
لك تقديري
نحمد الله تعالى أننا لانعلم الغيب ، ورب ضارة نافعة فعلى الرغم مما حدث ويحدث إلا أن تباشير الانعتاق من الخوف والتطلع للمستقبل هي السائدة ولك شيء ثمن ، كما أن بعض الحلول لم تكن لتحدث في ظل أنظمة ترقب تنامي أرصدتها في البنوك دون أن تنمي مصادر دخل شعوبها وتشيع فيها التنمية الحقيقية في شتى المجالات كما تعمل على استعادة الحقوق السلبية بوحدة حقيقية .
تحياتي لك وبالتوفيق دوماً .
الأستاذ الكريم تركي الغامدي
تحية طيبة
معك حق فيما تقوله ، لكن أيضا الحكمة ضالة المؤمن ، والحقيقة أن التاريخ يؤكد أن ما من وطن غرق في الفتن واستطاع أن ينفذ منها إلا بعد زمن طويل .
صحيح لكل شيء ثمن ، ولكن بعض الأثمان تكون أكبر مما سنجنيه مقابلها .
وحين تكبر الهوة بين طموح الشعوب وبين قدراتها فإن هذا مؤشر على مخاطر جمة .
أشكر لك مرورك وتعقيبك
لك تقديري
الإنسان الحر الكريم كامل الشخصية بفطرته يحب طعم الخبز لكن هذا الخبز لديه لا طعم له إن لم يكن بملح الكرامة وحلاوة الحرية
و من انطمست فطرته يظن و سيظل يظن أن الليبيين - مثلاً - في مأساة و كانوا في خير و نعيم في ظل القذافي الديكتاتور الذي بعثر أموال ليبيا شرقا و غربا
وحرم منها أهل البلاد
الليبيون - يا سيدي - هم الآن يذوقون ثمالة المأساة التي بدات قبل 42 سنة و لذلك هم في فرح غامر لأن عهداً جديداًسيأتي وسيكون في أسوأ توقع أفضل من عهد القذافي ألف مرة
نحن لا ندعو للثورة في الخليج
لكن من المحزن ان ينبري بعض الخليجيين (بمغالطة واضحة للفطرة و الطبيعة والقيم الإنسانية و التاريخ و الجغرافيا وعلم الإجتماع) ليكون منظّراً للديكتاتورية و التسلط و نهب الثروات ورهن البلاد والعباد لغير أهلها أ للقلة من أهلها.
الثورة ماضية من شنقيط حتى مسقط ...إنها سنة الله و لن تجد لها تبديلا
الأستاذ الكريم أحمد محمد شمسان
تحية طيبة
صدقة لا قيمة للخبز مالم تخالطه طعم الحرية ، لكن يا أخي الكريم يبدو أنك فهمت مقالتي على غير ما أردت لها أنا .
أنا لم أقل أن القذافي خير ، ولم أقل أن أي دكتاتور خير ، ومقالاتي السابقة توضح وجهة نظري في تفاصيل تلك الأمور .
لكنني أمقت أن أميل ميلا شديد لأحد الطريقين ( الإفراط أو التفريط ) أنني من أمة محمد أمة الوسط واني أستقى وجهة نظري مما أراه في سيرة النبي عليه السلام .
كل حرب لها كر وفر ، والعاقل الذي يعلم متى يكر ومتى يفر .
أنني على يقين تام أن حماسك يدفعك لقول ماقلته ، أنا مع ثورة ليبيا ، وأشهد الله كم دعوته أن يعثهم حتى ينزاح القذافي عن كاهلهم ، لكنك لو أبصرت بتمعن لعلمت أن مستقبل ليبيا ـ في ظل المنحى الذي أخذته الثورة ـ لن يكون أفضل من عراق اليوم .
ستبدي لك الأيام ما كان خافيا ، لكن صدقني عندها لن يجدي النحيب شيء ، ولن نجد إلا النواح على ليبيا .
أنا لا أقول دعو القذافي ، بل اقول أنه ما كان ينبغي أن ينجر الثوار إلى هاوية الحرب أبدا .
ولست أعلم حقيقة عن اي مغالطة تتحدث ، وأتمنى بصدق أن توضح لي .
عد للتاريخ ستعلم أن الثوارت الأخيرة ـ والتي أايدها شخصيا وخصوصا في بدايتها ـ لن تكون ولن تأول إلا إلى ما آلت إليه الثورات والإنقلابات العسكرية . وأأكد لك ذلك و أنا أتحمل مسؤولي كلامي هذا ، والتأريخ الإنساني يشهد .
وأجدد قولي أنني لست ضد الثورات ، لكن ضد ما آلت إليه . ولست مع الحكام ، لكنني لا أحب الإفراط والتفريط ، ولا أحب التهويل أو التهويل ، بل أحكم بما أرى وحسب كل تطور من تطورات الأحداث .
فأنت أن قصدت المسير إلى مكان ما ، لن تقود سيارتك في خط مستقيم لمجرد أن المكان هذا يقع في الإتجاه الذي أمامك ، وإنما ستراعي الطريق ، وستراعي كل بقعة من بقع الطريق من حيث السرعة والإندافع وغيره ، وأسلوب القيادة ، وهذا ما قصدته.
أتمنى أن تعود لقراءة مقالي من جديد لتفهم مغزاه
أشكر لك مرورك وتعقيبك
لك تقديري واحترامي
طرح مميز في وقت مميز ..
فلسطين لن يفيدها شيئا إذا كانت الدول العربية ضعيفة ومفككة من الداخل ، نريد رأب الصدع أولا وحفظ الجبهة الداخلية ثم العمل على الجبهات الخارجية ولكني اعتقد بأن عدونا يحاول وبكل الطرق بأن يجعل الجبهة الداخلية ممتلئة بالاحداث والعقبات حتى لا ينظر أحد إلى القضية الاساسية وهي فلسطين ..
فلو انتظرنا حتى تهدأ الجبهات الداخلية ، لا اعلم هل ستطول المدة ، ولكن حتى لو طالت ما المانع لوبقينا ثلاثة وستون عاما أخرى تحت الاحتلال والنكبة .. حتى تنتظم الدول وتهدأ الجبهات ..
نحن هنا ننتظر .. ننتظر رحمة الله ورفع مقته وغضبه عنا .. نحن أهل فلسطين وأحق بحمايتها والدفاع عنها ..
ونتمنى من الله أن تنعم الدول العربية بالكرامة والحرية ..
نحن نحلم بانتفاضة ثالثة ولكن للاسف لم يتحقق شيء سوى بعض المحاولات من الاخوة اللاجئين في الشتات وعودة البعض منهم لارض فلسطين التاريخية .. والغريب انهم لم يجدوا مقاومة او صعوبة ، ففلسطين على بعد خطوة ، لا تحتاج إلا إرادة وتصميم ..
دمت اخي الكريم وسعيدة لمروري هنا وتعليقي .
لكن يا أخي الحكم على نتيجة الثورات بسرعة فلكية غير معقول ؛ فالعبرة ليس بالثورات بحد ذاتها و لكنها بيقظة الوعي الجمعي العربي التي تشكل على مدى سنوات نتيجة لكثير من العوامل ، و ما دام هذا الوعي قد استيقظ فهو الضمان الوحيد لاستمرار الثورة بعد سقوط الأنظمة ، الديكتاتورية لأن سقوط الأنظمة هو بداية الثورة و ليس نهايتهاعلماً أن هذا الوعي سيزداد رسوخاً و رُشداً مع الوقت لأنه آمن بذاته و استوعب قوانين اللعبة السياسية الدولية التي بدأت تتهيأ للتعامل مع هذه القوى بلغة جديدة ، و لن يفيدها التدخلات عبر وسائل عديدة لوأد اليقظة العربية كما أفادها في الماضي ؛ لأن الماضي استيقظت نُخب فقط و تعرضت للإبتزاز و انقلبت على المشروع الوطني المستقل ، أما الآن فنحن أمام يقظة جيل كامل ..
و مهما أعاقت القوى الكبرى عملية التحول في المنطقة فهذه الإعاقة ستكون مؤقتة و محدودة ..
في ليبيا مثلاً .. كان هناك خطة لتقسيم ليبيا لكن الثورة الليبية بثوارها هي التي أفشلت هذا المشروع عبر البطولة النادرة لثوار الزاوية و الصمود الأسطوري في مصراتة ..
و لا تتوقع أن الغرب سيتركنا لحالنا فالصراع قائم و بأدوات جديدة و بمعادلة سيعاد صياغتها لتتناسب مع العصر و ظروفه الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية ...
.. أنا تعمدتُ اللهجة القاسية معك لأنك كمثقف يجب عليك الخوض في عيوب الثورة كعيوب لظاهرة حتمية إنسانية لا أن تكون هي بحد ذاتها عيباً
لكن يا أخي الحكم على نتيجة الثورات بسرعة فلكية غير معقول ؛ فالعبرة ليس بالثورات بحد ذاتها و لكنها بيقظة الوعي الجمعي العربي التي تشكل على مدى سنوات نتيجة لكثير من العوامل ، و ما دام هذا الوعي قد استيقظ فهو الضمان الوحيد لاستمرار الثورة بعد سقوط الأنظمة ، الديكتاتورية لأن سقوط الأنظمة هو بداية الثورة و ليس نهايتهاعلماً أن هذا الوعي سيزداد رسوخاً و رُشداً مع الوقت لأنه آمن بذاته و استوعب قوانين اللعبة السياسية الدولية التي بدأت تتهيأ للتعامل مع هذه القوى بلغة جديدة ، و لن يفيدها التدخلات عبر وسائل عديدة لوأد اليقظة العربية كما أفادها في الماضي ؛ لأن الماضي استيقظت نُخب فقط و تعرضت للإبتزاز و انقلبت على المشروع الوطني المستقل ، أما الآن فنحن أمام يقظة جيل كامل ..
و مهما أعاقت القوى الكبرى عملية التحول في المنطقة فهذه الإعاقة ستكون مؤقتة و محدودة ..
في ليبيا مثلاً .. كان هناك خطة لتقسيم ليبيا لكن الثورة الليبية بثوارها هي التي أفشلت هذا المشروع عبر البطولة النادرة لثوار الزاوية و الصمود الأسطوري في مصراتة ..
و لا تتوقع أن الغرب سيتركنا لحالنا فالصراع قائم و بأدوات جديدة و بمعادلة سيعاد صياغتها لتتناسب مع العصر و ظروفه الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية ...
.. أنا تعمدتُ اللهجة القاسية معك لأنك كمثقف يجب عليك الخوض في عيوب الثورة كعيوب لظاهرة حتمية إنسانية لا أن تكون هي بحد ذاتها عيباً
مش بس موضوع الانتفاضة
اي تعامل الان مع الملف الاسرائيلي يعتبر جنان
نحل مشاكل الوطن الاول علشان نعرف نتعامل
اما مايحدث في ليبيا وسوريا واليمن شئ مخيف جداااااااا
مش مصدقة ان علشان نحكم بالحديد والنار من ناس في النهاية قتلة لازم نكون جبناء
أيها الأخوة
تحية طيبة
أشكر لكم مروركم وتعقيباتكم ، وأستميحكم عذرا على عدم الرد على كل فرد فيكم وذلك لظروفي .
لكم فائق أحترامي وتقديري
أخى
بالفعل .. إن الكثيرين من أبناء الأمة وعى رأسهم شبابها .. متحمسون حماساً غير محسوب , فى الوقت الذى نحتاج فيه إلى تكثيف الجهود وتكاتف الأيدى من أجل إعادة بناء الأمة.
وهذا لا يعنى أن نتخلى عن قضيتنا أو أن نتنازل عن حقوقنا , وإنما يعنى أن نأخذ من الأسباب ما هو متاحٌ منها , ونطوعه لخدمتنا قدر المستطاع ونحاور ونفاوض ونكسب الوقت - كما يفعلون - حتى تحين اللحظة الحاسمة المناسبة للإنقضاض عليهم , والتى أعتقد أنها تقترب كما لم تكن من قبل.
اللهم انصر الاسلام وأعز المسلمين
الأستاذ الكريم محمد نبيل
تحية طيبة
بالضبط هذا ما أقصده ، المشكلة أنك تواجه السواد الأعظم من الناس الذين لا يرون إما أبيض أو أسود . هو لا يؤمنون بالكر والفر لكي تخرج منتصرا بصدق من المعركة .
وفوق كل هذا هناك أستعراض لبطولات في أغلبها ليست موجودة وأنما أتت بعد أن حسم أمر الثورة بالإنتصار في بعض البلدان .
ما أخشاه أن يستمر الأمر على هذه الوتيرة لأنهم بهذا يندفعون نحو ما لا تحمد عقباه وهم لا يشعرون .
اللهم أحفظ أوطاننا اللهم آمين .
لك تقديري
إرسال تعليق