الجمعة، 11 مارس 2011

إلا خيانة الوطن



بلادي وإن جارتْ عليَّ عزيزة

 و أهلي و أن ضنُّوا عليَّ كرامُ
بيت شعر عربي مشهور





( الخيانة )  لفظ  ذا وقع قوي على النفس قبل الأذن ، ففي حياتنا الشخصية يؤدي وقوع الخيانة إلى ( تدمير الثقة )  بين الأفراد والعلاقات بينهم ، حتى لو اقتصرت الخيانة على عدم الإيفاء بوعد أو عهد ، ناهيك عن أن تؤدي الخيانة إلى تدمير حياة إنسان أو أهانته وجرح مشاعره .

هذا فيما يتعلق بنا كأفراد ، أما ( خيانة الوطن ) فهي أعظم وأكبر مما تحتمله أي نفس ، ويكاد يجمع البشر على مقت الخائن ، فكل فعل مشين يمكن للمرء أن يجد مبررا لفاعله إلا خيانة الوطن ؛ فإننا لا نستطيع أبدا أن نجد لها مبرر ، أينّاً كان السبب الذي يدفعك لهذا الفعل المشين فهو أبدا لا يشفع لك لتبيع وطنك و تغدو في عرفه خائن .

مهما اختلفنا في أفكارنا أو عقائدنا أو مبادئنا ، مهما ظلمَنَا بني أبينا ، و قومنا ، و أهل وطننا الواحد  فهذا أبدا ( لا يمكنه )  أن يبرر لنا خيانة الوطن .

ثلاثة صفات أحداهن لا يكون إلا بالأخرى : ( الغـدر ، و الخيانة ، و النفاق ) . فالغدر يتطلب الخيانة ، و الخيانة تتطلب النفاق ، و جميع هذه الصفات هي من أقبح و أرذل الصفات التي قد تجتمع عند إنسان .

حتى أقبح الناس صفات يكره ويمقت الخائن و يزدريه ، لأن خيانة الوطن تعني عدم المروءة  بالضرورة ، والإنسان الذي ( لا يملك المروءة  ) يمكنه أن ( يبيع عِرضهُ  وشرفه ) كما يمكنه أن ( يبيع وطنه )  ، لأن الوطن هو بمنزلة العرض والشرف للإنسان . ومن هان عليه وطنه يهون عليه عرضه و شرفهُ ببساطة .

قد أختلف مع الحاكم وقد أمقته وأمقت حكومته ، قد يظلمني وطني ، قد أحيا غريبا فيه بسبب ما ألقاه من أبناء قومي وأبناء جلدتي ، لكن ما من عرف أو دين أو عقيدة أو فكر ( يبرر لي خيانة وطني )  . أنه ( العار ) نفسه أن تخون وطنك ، أنه عار لن يكتفي أن تلبسه وحدك بل حتى جميع أهلك وذريتك ، سوف ينظر لهم الناس شزرا ، سوف يزدرونهم ، ( ليس لأن الناس أشرار )  ، بل ( لأن الجرم الذي اقترفته عظيم ) ، وعظيمٌ جدا ، لذا فأنت به تظلم نفسك وأهلك فوق ظلمك لوطنك وأهل وطنك ، وما من شيء يغفر خطيئة خيانة الوطن ـ  للأسف ـ  ما من شيء أبدا .

حتى ( من تخون وطنك لصالحهم ) ، ينظرون إليك كشخص ( حقير ) ، هم لا يثقون بك ولا يحترمونك بينهم وبين أنفسهم وأن أظهروا لك الاحترام ، فأنهم يبطنون المقت و الازدراء لك ، فهم يعلمون أنه لا يمكن لعاقل أن يأمن الخوان ، و من يبيع وطنه يبيع أوطان غيره بسهولة . ومن هان عليه وطنه ، تهون عليه أوطان الآخرين .

ولن نذهب بعيدا في التاريخ حتى لا نزعج الأموات في قبورهم ، وسنكتفي بذكر الأحياء . فها هو ( أنطوان لحد ) صاحب جيش لحد ، مليشيا عسكرية قتلت اللبنانيين وروعتْ الآمنين منهم لصالح الكيان الصهيوني ، وحين أنسحب الصهاينة من أرض لبنان الطاهرة ، ( تخلوا عن عبدهم الخائن ) علنا لهم ، تخلوا عنه تماما ، ولم يقبلوا حتى منحه اللجوء إلى كيانهم الغاصب . حتى اليهود يمقتون الخائن فما بالك بغيرهم .

أخيرا ..

يذهب كل شيء و ( يبقى الوطن )  ما بقيت السماوات والأرض ، ومهما كان عذرك للخيانة ، فــ ( لا عاذر لك )  ، والوطن لا ينسى من غدر به وخان ( سراً أو علناً ) فالخيانة تبقى خيانة ، وجه قبيح لا يُجمله شيء ، وأن صَفَحَتْ السُلطات عن خائن ـ لحاجة في نفسها ـ  فالوطن و التاريخ لا يصفح أبدا ، و يظلان  يذكران  الخائن حتى بعد موته . فهما ( لا  يغفران  لخائن ) أبدا .


يقول الشريف قتادة أبو عزيز بن إدريس :

بلادي وأن هانت على عزيزة
ولو أنني أعرى بها و أجوعُ

ولى كف ضرغام أصول ببطشها
و أشرى بها بين الورى و أبيعُ

تظل ملوك الأرض تلثم ظهرها
وفى بطنها للمجدبين ربيعُ

أأجعلها تحت الثرى ثم أبتغى
خلاصا لها ؟ أني إذن لوضيعُ


الثلاثاء، 8 مارس 2011

عجبا لأمركم !!




( يا ماخض الماء عدمت الزبد )

حكمة عربية قديمة






أن يخرج ( المجتمع العُماني )  عن صمته هذا شيء رائع ، وخاصة أن هذا المجتمع دائما ما كان يعرف الثورة عبر أتباع قائد يتم انتخابه ، ليقود هو المسيرة والناس معه بالروح والمال ليُفني الظلم في أرض عُمان الطيبة . طبعا بحكم أن الظالم عادة ما يستخدم السلاح ـ سواء كان ملك ظالم أو استعمار جائر ـ فكان المجتمع وقائده المنتخب يحمل السلاح أيضا ، وفي النهاية يقضي على الظلم فما قامت عُمان مشمرة لدرء الظلم إلا ونفضته عنها لتعود لوداعتها و سكونها ثانيةً .

هي أول خروج ـ غير مسلح ـ  لرافضي الظلم والفساد الإداري في عُمان شهدناه في مسقط ، و صحار ، و صور ، و صلالة ،  والبريمي ، وغيره من المناطق ، ووجدنا ردت فعل جميلة من السلطان ( قابوس )  ، أول سلطان من ( آل بو سعيد ) تتوحد عُمان تحت لوائه وأول سلطان من آل بو سعيد يكاد يتفق عليه العُمانيون ، لكنه في سنواته الأخيرة سلَّمَ ( الخيط و المخيط ) ـ كما يقال ـ  لوزرائه و أعونه ، والذين صار كل واحد منهم أشد ثراءً من الأخر وأكثر فلسفة في تقديم الحلول للفقراء من أهل عُمان ، و ليس أخر من قدم لنا الحل الفريد للغلاء هو رئيس ( غرفة تجارة وصناعة عُمان ) سعادة ( خليل بن عبدالله الخنجي ) ذلك الثري حتى البشم ، حيث ينصح سعادته الشعب العُماني بـ ( استخدام ملعقة سكر واحدة في الشاي بدل اثنتين ) وذلك في لقاء متلفز له في شهر رمضان قبل الماضي ، نصيحة ثمينة حقا تشبه كلمات ( ماري أنطوانيت )  ملكة فرنسا التي قالت للشعب الذي خرج يطالب بالخبز قالت : ( فليأكل البسكويت ) . يحق لك يا سعادة رئيس غرفة تجارة وصناعة عُمان .

وبعيدا عن ( الخَنجي ) ، أجد أن الإعلام العُماني أذى آذننا وهو يقول ( منَّا ) و ( تفضل ) و ( تكرم ) ، غريبة ! أليس هذا وطننا ؟!

أليست الثروات هي ملك للشعب ؟!

أليس السلطان و الوزراء وأعضاء الحكومة هم خدام للشعب ومصالحه ؟!

أليس ذلك واجب السلطان ، وحق للشعب ؟!

ما نعرفه في المن والتفضل والتكرم حين تكون من لدن المُعِطي للمُعَطى ، وليس من جيب المعُطَى يتفضل به المُعِطي . من أرد أن يمن ويتفضل فليعطي من جيبه لا من جيب غيره .

وإلى المحتجين المعتصمين . نعم نريد الإصلاح ، لكن أتسأل أولئك الذين يطالبون بـ ( دستور تعاقدي ) متجاهلين تماما التكوين المجتمعي لعُمان ، وحقيقة غياب الوعي السياسي الشعبي العام فيها ،

عن أي دستور تتحدثون ؟

و باسم من تطالبون به ؟

أنتم حتى لم تقبلوا يوما النقاش الحقيقي البنَّاء عنه ؟ فكيف سأقبل بشخص لا يقبل النقاش العادي ؟ كيف سيقبل انتقادي لسياساته غدا ؟!

هل شرحتم لعامة الناس ما تعنونه بالدستور التعاقدي ؟

هل أقمتم دراسات علمية توضح الكيفية و الماهي التي سيكون عليها ، و الآلية للعمل به ؟

أشخاص معدودين يثيرون زوبعة لا تعدوا حجم قُطر فنجان ، ليقدموا مطلبا ليس بالهين ، ويقدمونه باسم الشعب ، شعب لم يخولهم ، شعب لا ناقة له في معمعتهم تلك ولا جمل .

أولئك الأشخاص لا يرقون لمستوى مفكرين سياسيين ولا حتى اقتصاديين ولا اجتماعيين ، فعلى أي أساس قُدم طرحهم ، كيف أثق في أناس لا يملكون أيديولوجيات واضحة ، ولا أهداف ولا استراتيجيات . ولسوا أصحاب فكر حقيقي ؟ ، حتى انتقاداتهم للحكومة جاءت من باب ( مشاكل خاصة ) بهم وليس دعما للوطن ولا من الوطنية الخالصة ( ولا أقصد هنا الانتقاص من أخلاصهم للوطن ) ، ما أعنيه أن الذي حركهم هو ليس فكرهم المتوقد ولا حب الوطن والحزن على وضعه بل ( قضايا شخصية ) و هم معروفين بالاسم ، فكيف لي أن أسلم لأشخاص هذه هي كيفيتهم ؟ .

لا تتحدث عن نفسك بعلمك بنفسك ، فأنا لا أعرفك ، قدم لي أعمالك وفكرك حتى استطيع أن أخوض معك ولو نقاش عادي بسيط  و أنا مطمئن ، ناهيك عن أن أسلمك قدري كمواطن .

السياسة ( مثل النار )  أن لم تحسن توجيهها تدمر ، ولا تكتفي بتدمير نفسها بل تدمر كل ما تطوله .

شخصيا لا أؤمن لا بدستور تعاقدي ولا بملكية دستورية ، وأعارض ما يحدث من فساد وسوء إدارة لموارد الدولة وظلم للناس على كافة الأصعدة . ولست من عبدة السلطان ، أن ما أطالب به كمواطن هو العادلة الاجتماعية والتنمية الحقيقية التي تستهدف الإنسان ، وحق المواطنة الكامل .

وإلى الذي يتباكون على بعض الأسماء التي تم إزاحتها من مناصب حسبناها لم تخلق لغيرهم ، على ماذا تبكي ؟

على رجل فاسد ( ولن أتطرق لحياته الشخصية فذلك شأنه ) عن شخص حوَّلَ موارد الدولة و المال العام ليصبح سلطانا مع السلطان بأن أنفق من ميزانية الدولة على رفاهه الخاص  حتى ظننا أنه هو السلطان الحقيقي لعُمان وليس قابوس ، ومن فرط هذا  سرى بين الناس أنه هو من سيرث عرش السلطان بعد رحيله لأن العائلة المالكة لن تتفق .

رجل وجه أموال الدولة ومناصبها لخدمة أبناء قبيلته الواسعة الانتشار ، حتى المجالس العامة ( السبلة ) لقبيلته في مناطق تواجدها تظنها قصرا لا مجرد ( سبلة ) ، ناهيك عن المناصب الرفيعة في مناصب حساسة حتى يكاد يظن المرء أن الرجل يُعدُّ لانقلاب ، وليس مجرد محسوبية وفساد إداري ، فأي طيبة بعد هذا تأتي لتتحدث عنها لهذا الشخص ، ماذا تفيدني طيبته ؟! وأنا مواطن مسلوب الحقوق وهذا الرجل يوزع المال العام لقبيلته وأهله وأتباعه وأصدقائه ومثلها المناصب والعطايا وحفلات الآُنس .

أخيرا ..

من يدعي الديمقراطية عليه أن يكون نفسه ديمقراطي ، لا تطلب أمرا أنت تفتقده ، ففاقد الشيء لا يحق له أن يعطيه أبدا .

ولا تتحدث بلسان من  لم يخولك ، فأنت لا تملك الحق أن تستغل خروج الناس للمطالبة بحقوق عامة لتطلب حقا ليس وراءه سوى حب الشهرة والظهور وحب السلطة .

وتعود أخي أن لا تكون مجرد ببغاء تردد ما تسمع ، فيقال لها : ديمقراطية . قالت : ديمقراطية . لاهي تعي ما تقول ولا تفهم مغزاه .



الثلاثاء، 1 مارس 2011

الـمـؤامـرة







المؤامرة كلمة حق يريد بها كثيرون باطل ، حتى أصبح من يتحدث عن مؤامرة ـ حتى لو كان صادق ـ يعتبر محض سفيه ، أو مواسٍ لنفسه ومطمئن لها .

صرنا لا نعلم حقا من هو العدو ومن الصديق ، ومن الصادق ومن الكاذب ، رغم أن الحق بيِّن والظلم بيِّن ، ولكن بينهم متشابهات شتت عقول الناس ، أنه أمر يصيب المرء باليأس و الإحباط .

أجل هناك نار تتصاعد من دخان كثيف ، لكن هناك من يسعى لبث الدخان في مستوى أفقي متعمدا لتشتيت النظر ، ولتعتيم الرؤية ، لنمضي بسببها متخبطين ، إلى أن يشاء الله وينكشف الدخان ، ويعود الصحو ليتكشف لنا عما كان ، ويفضح الخبايا ، ولكن في الغالب يكون لات حين مناص .

كنتُ ليلة أمس أشاهد ( قناة الجماهيرية ) وهي قناة ليبية رسمية تابعة للسلطة ، لماذا أشاهدها ؟  لأنني لا أحب أن تكون معلوماتي حكرا على جهة إعلامية وحيدة ترسم لي الموقف كيفما تحب ، فأنا أحب أن أُكَوِّن أوضح صورة ممكنة عما يدور من أحداث سواء في ليبيا أو غيرها ، ثم أخذ منه نصف ما أرى ، ولا أصدق إلا ربع ما أسمع ، هكذا علمتني الحياة .

أمس وأنا أشاهد ( قناة الجماهيرية ) كانت تستضيف كاتب مصري وهو ( أنيس الدغيدي ) ، ربما لا يعرفه كثيرين رغم أنه يقول أنه من الكتاب المعروفين وأنه الأعلى أجرا بين الكُتَّاب العرب وأن كتبه هي الأكثر مبيعا . كل هذا قاله وهو يتحدث عن نفسه في اللقاء المباشر الذي بثته قناة الجماهيرية عبر الأقمار الصناعية في محاولة لإقناع الرأي العام الليبي بما تريده السلطة الليبية .

لكن الرجل كان بين الجمل المتكلفة في دفاعه عن القذافي يوجد عشرات الجمل المسهبة في الحديث عن نفسه ، الأستاذ ( أنيس )  هو صاحب كتب تحمل عناوين صاروخية ، تجعل الكثير من الناس تلهث لشرائها ، لتكتشف بعد ذلك أنها لا تحمل سوء مضامين فضفاضة تخلوا من البرهان والأدلة على مصداقيتها . وذلك مثل كتابه ( صدام لم يشنق ) والذي يتفاخر الأستاذ أنيس الدغيدي بأن كتابه هذا حقق أعلى مبيعات في معرض الكتاب في القاهرة والذي هو ثاني أكبر معرض للكتاب في العالم .

لكن السيد الدغيدي تجاهل متعمدا أن غالبية الجماهير ـ في العالم كله وليس العرب وحدهم ـ  ينجرون وراء العناوين قبل المضامين ، وما من أحد ينكر بأن ( صدام حسين )  كاد يكون أسطورة ملئت الدنيا وشغلت الناس بطريقة غريبة لما تحمله هذه الشخصية من جاذبية وجدلية نادرا ما تتوفر في إنسان . لذا فمن البدهي أن يجري الناس وراء أي عنوان يتحدث عن صدام حسين ، وخاصة بعد مقتله الذي كانت لحظات فارقة جعلت من ( شموخه ) وهو يتقدم إلى حبل المشنقة يحول كثير من خصومه إلى أناس يحترمونه و يجلونه ( مع البقاء على نقاط الاختلاف ) .

المهم من هذا كله ، أن الأستاذ الدغيدي في أخر اللقاء ـ الذي سعى المذيع الليبي لإنهائه جاهدا ـ صار يتحدث عن ما وصفه ( صواريخ وقنبلة ) وهو أن بن لادن هو صديق لأبن حاكم قطر (  فهد بن حمد )  ، وأنه قام بلقاء سري مع أمير قطر قبل أن يقوم الأخير بعدها بسنتين بانقلاب على أبيه .

وأهم من هذا قال أنيس الدغيدي صاحب رواية ( محاكمة النبي محمد ) : أنه يصرح ـ وأمره على الله كما قال ـ بأن المملكة العربية السعودية ستشهد قريبا انقلابا وتغير ( النظام الملكي )  السعودي ، و تحويله إلى (  جمهورية ليبرالية )  تأتي بالأمير ( الوليد بن طلال )  صاحب التوجه الليبرالي الغربي لرأس السلطة في السعودية وتأتي بابن لادن ليحل محل آل الشيخ ( أصحاب السلطة الدينية في المملكة ) ليعيث فسادا ـ كما قال ـ وقال أن لديه أدلة سرية على ذلك .

ما أستغربه حقا أن جميع كتب الصحفي المثير للجدل أنيس الدغيدي تتحدث عن وثائق سرية ، وأحيانا ما يدمغ غلاف كتبه بجملة ( سري للغاية ) ، فمن أين له هذه الوثائق والتي هي في الأصل شديدة السرية ، وتحتفظ بها جهات غريبة ( الولايات المتحدة ) ولن تفصح عنها قبل أن تقوم بتنفيذها ، وهو ينفي علاقته بوكالة الاستخبارات الأمريكية ( السي أي إيه ) . وفي أحدى كتبه واسم ( الـسي أي إيه وملفات الحكام العرب ) رأيته يستشهد بصورة تبدو لشخصين على أنهم صدام حسين وجورج بوش الابن وهما يجلسان قرب بعض ( جلسه شبابية في حديقة عامة ) وصدام يضع يده حول أكتاف بوش ، صورة يستطيع حتى الإنسان الذي لم يتعامل مع التكنولوجيا أن يفند صدقها ، أولا / لأن دمج الرؤوس وتركيبه على الأجسام واضحا جدا ، ثم أن الأجسام هي لشباب في العشرينات والوجوه لرجال تعدو الخمسينات ، ثم أن هيئة الأجساد لا تشبه لا من قريب ولا من بعيد جسم صدام ولا جسم بوش ، لكن الأستاذ أنيس أوردها كإثبات على العلاقة الحميمة بين صدام وبوش الابن وأن حرب العراق تمثيلية . وهذا هراء كبير .

أنني ـ و للأمانة ـ لا أنكر أن القذافي ( شوكة )  في حلق الأطماع الغربية في ثروات ليبيا ، وأن الغرب هب هذه الهبة المتأخرة بعد أن توثق من سيطرة الشعب على الأوضاع في البلاد ، ليجد لنفسه موطئ قدم في حقول النفط والغاز الليبية . ولا ننكر أننا بدأنا نستشعر دخول طرف ثالث في الأوضاع في ليبيا ، ولكننا نسأل الله أن يعجل الفرج لليبيا وأن يقيض لهم و أن يتولى أمرهم شخص مخلص أمين . ونضع ثقتنا في شباب ليبيا ووعيهم التام بالأمور ومعرفتنا أنهم حاربوا ابن بلدهم لأنه استعبدهم وظلمهم لذا لن يرضوا بعد أن ضحوا كل هذه التضحيات العظيمة بأن يأتيهم مستعمر يمتص ثرواتهم ويستعبدهم ويفرق بينهم باسم توزيع السلطة واسم تقسيم الثروات كما رأينا في العراق و نرى .

وللأمانة أيضا نحن نقر أن القذافي ليس غبي ولا مجنون بل هو عبقري ، ويمكنك أن تناقش المختصين في علم النفس ، وعلم نفس الشخصية ليؤكدوا لك ، لكن العبقرية الزائدة عن الحد تنقلب إلى شيء صعب على صاحبها ، تجعل منه مجرد شخص غريب الأطوار ، خاصة أن خالطها اعتداد مبالغ فيه بالنفس ، وهذا النوع من الناس يكون شر على الناس أن كان قائد أو زعيم لأمة ما ، وكثير من الكلام في هذا الصدد نجده لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فقد كان يرى أن الوالي الذكي وبالا على رعيته ، وهذه حقيقة أثبتها العلم الحديث ، ثم أن المطلع على ( الكتاب الأخضر ) يعلم أن للرجل نظرة فلسفية ، لا أنكر أنه في بعض النقاط فشل في عرضها بالصورة التي تسمح بوضوحها للمتلقي وذلك لإغراق الرجل في عقل ذاته أكثر من اهتمامه في بث الوعي للمتلقي ، أما غير هذا فهو فقط ناقش قضية جدلية في أساليب الحكم الديمقراطي كانت ولا زالت موضع جدال عند علماء الاجتماع السياسي والمُنِّظرين السياسيين في العالم .

ولعقل الرجل الكبير وعبقريته الفذة ، إضافة لغروره ،  و إغراقه في أنانيته ، و هوس العظمة ، وطول الأمد في كرسي الحكم أمام التعظيم والتبجيل ،  اجتمعت كلها و تكاتفت ، لتنتج لنا هذا  التخبط الكبير الذي يظهره بمظهر المعتوه ، أعلم أن كلامي غريب ، لكن وجب طرحه توخيا للأمانة وحتى لا ننجرف خلف عواطفنا المؤيدة للشعب فنتطرف في الحكم على الرجل .

أخيرا ..


أرجو أن تطرحوا رأيكم في الأسئلة التالية بكل صراحة وبعيدا عن المجاملات :

- هل جزء من الثورات العربية الأخيرة هي مؤامرة ؟ أو لنقل أن طرفا ثالثا خفي يثير الشعوب بشعارات حق أريد بها باطل ، فأنقاد الشعب لصالح الأعداء بدون أن يشعر ؟

- هل ترون أن ما قاله بخصوص السعودية وارد ؟ ولماذا ؟

- ماذا تقترح كحل للوضع القائم في ليبيا ؟

- ما رأيك في الكُتَّاب والكتب التي مثل أنيس الدغيدي و كُتب ؟